روائع مختارة | بنك الاستشارات | استشارات نفسية | لا.. لا أبحث عن العقوق

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > بنك الاستشارات > استشارات نفسية > لا.. لا أبحث عن العقوق


  لا.. لا أبحث عن العقوق
     عدد مرات المشاهدة: 2421        عدد مرات الإرسال: 0

السلام عليكم ورحمة الله.. لست أدري من أين أبدأ بسرد حكايتي.. لنبدأها من الأول..أنا البنت الصغرى في عائلة ممتدة، أصغرهم يكبرني بحوالي 10 سنوات.. توفي والدي وأنا في سن مبكرة جدا

أما أمي ولا أدري إن كنت أستطيع مناداتها بذلك الاسم ففي الدنيا كثيرا ما أناديها بإسمها أو خالتي فلانة.

لا أتذكر أنها يوما ما أخذتني في حضنها أو نصحتني أو علمتني ما يخص عمل البيت أو شؤون النسوة حتى في أبسط تفاصيلها وأعني ما أقول..

كنت تلميذة متميزة في المدرسة والمعهد.. ولكن في مرحلة المراهقة تملكني خجل شديد لدرجة أني كنت أتأتئ في كل مرة تكلمت فيها أمام فصل كامل أو قرأت نصا.

ولو من مكان جلوسي، رغم كوني كثيرا ما كنت الأولى على المعهد والمدرسة..

كما تملكني بعض الغرور مناطه أني أذكى من الكثير وأنه إمكاني النجاح ولو بقليل من العمل..

مما كان يؤلمني بشدة وأستشعر له تأثيرا عميقا في علاقتي بمن حولي أن "أمي" دائما ما كانت تشعرني بأني مخطئة دون تبيين السبب.. طالما كنت أسألها عن السبب وكانت الإجابة أن"ألا تدرين؟؟؟"

فأقول لا أدري فتصمت أو تعنفني أكثر..أنا اليوم راشدة وأنهيت دراستي الجامعية..

شاء الله أن لم أتزوج إلى الآن كما تنبأت لي مذ نعومة أظفاري أن "من سيرضى بك؟؟ لن يرض بك أحد" وانطبع ذلك الفكر في ذهني.. أو ربما كان حقيقة لست أدري..

ولكني أدري أن كل من حاول خطبتي عن طريق الأقارب-و رآني- عللت نفسي بأني أحمل فكرا خاصا وأنه لا يعرفني وكل من سمع عني ولم يرني رفضت متعللة بأي سبب كاتمة في نفسي أني أخاف أن يرفضني لشكلي..لازالت بعض كلماتها ترن في أذني.. عن..

أتساءل أحياناإن كانت لا تمل التذمر من أي شيء ومن كل شيء ومن الشيء ومن عكسه ووالله لا أبالغ في هذا..طالما اتهمت نفسي بأن هذا محض وسوسة ووهم وشككت في كل شيء.. إن كانت أمي التي سهرت الليالي وحملتني أكن لها.. كره؟ لا أدري.. ولكنه في أفضل أحواله شفقة لا أكثر والله..

هنالك ازدواجية عجيبة في حياتي، فأنا في ذات الوقت حساسة جدا ومتعاونة ولا أريد أبدا إيلام أحد أبدا مهما كان.. وأغلب من أعرف حتى الأكبر مني بكثير يحكون لي مشاكلهم ويصفونني بالحنونة.. ولكني قاسية وباردة بدرجة غريبة مع هذه المرأة..

قد أبكي لبكاء شخص غريب ولكني أتذكر في كل مرة رأيها تبكي والله لم يستثر في إلا السخرية "سبحان الله لا يطلع عندها قلب وأنا ماأدري؟؟" أعاني من تناقض في كثير من الأشياء، أو سمه تطرفا من قبيل "يا أبيض يا أسود"

لا أستطيع أن أثق تمام الثقة في أي أحد وأني أتوقع كل شيء من الناس..ومن أني مترددة جدا في الغالب ونادرا ما أحسم أمري بسرعة..

صادف مذ قرابة سنتين أن حدثت مشكلة لأخت لي (تكبرني بقرابة 20 سنة) واتصلت تشكي لي وفي كلامها تحدثت عن علاقتها بأمي.. لم أنس تلك المكالمة.. كانت هي تبكي وأنا أبتسم..

"طلعت عادية والمشكلة مو فيني"..و لكن ما رسخ لسنوات لا يغير بلحظة..قد يخيل إليكم أنها كانت قاسية معنا محافظة علينا وخوفا علينا هنا أسرد لحضرتكم طرفة أنني في بلد كان يمنع الحجاب.

وتحجبت رغم ذلك ولكنها كانت تشبهني بالبوم للحجاب الذي أضعه..

علماأنها تضعه وتقول بأنها غير محجبة فقط تتبع العرف السائد لدى قريناتها..أنا سيدي الكريم أعاني من تناقض شديد.. فمن جهة ما رضاء الله إلا برضاء الوالدين ومن جهة الحال كما ذكرت لكم..أنا لا أبحث عن فتوى للعقوق.. فأنا أعلم أن الله يعلم ما أنا فيه وأنه عادل..

فقط أريد أن أفهم حالتي وأعرف هل وضعي طبيعي؟؟ هل أنا طبيعية؟؟ هل ألقي اللوم عليها كشماعة لأخطائي؟؟ هل أسبابي واهية كما يتهمني الكثير؟؟ وأن أعلم سبل مواجهتها وإصلاحها..وجازاكم الله خيرا

الابنة العزيزة...سلام الله عليك وتحيته وبركاته...وبعد:

باستعراض مشكلتك والتي تعانين فيها من برودة العلاقة بينك وبين أمك بشكل كبير لدرجة تشفيك من معاناتها وهي أيضا لا تظهر نحوك أي مشاعر ايجابية أو تبدي لك أو تقدم أي نوع من المساعدة.

يبدو لي من خلال استعراض مشكلتك من انك تعانين من مشاعر عدم الإشباع النفسي نتيجة فقدان والدك مبكرا وسوء العلاقة بينك وبين والدتك وهو ما يتضح من استطرادك في التفاصيل التي ذكرتها...

إن هذا الأمر قد أدى إلى انخفاض مستوي تقييمك لذاتك ومن ثم إحساسك بالتدني أو بعدم القبول أو الرضا من الآخرين.

لا أعتقد انك تبحثين عن مبرر للعقوق..كل ما في الأمر انك في حيرة من أمرك.

أنت بلا شك إنسانة متميزة بدليل شعورك بما تصفينه بالازدواجية أي رغم كل ذلك لديك النقيض من مشاعر التفوق.

كل ما هو مطلوب أن تتفاءلي وتستعيدي ثقتك بذاتك وتجدي لنفسك طرقا تحققي فيها ذاتك وتنجحين وصدقيني يومئذ ستشعرين بالسعادة المفتقدة خاصة بينك وبين الآخرين.

ويجب أن تتقربي من والدتك وتحاولي فهم مفتاح شخصيتها وقد تكون لها طباع خاصة فحاولي ولا تيأسي واحتسبي صبرك وعملك عند الله وتقربي إليه بكل ما يرضيه عنك من إعمال ودعاء وبر بأمك...

وستنجحين حتما بمشيئة الله.

وفقك الله ورعاك.

الكاتب: د. أيمن غريب قطب

المصدر: موقع المستشار